أفادت مصادر قضائية رفيعة المستوى في محكمة استئناف القاهرة، لـ"العربي الجديد"، أن رئيس المحكمة التي أصدرت أول من أمس، حكمها بالسجن المؤبد على ثلاث سيدات ينتمين لجماعة "الإخوان المسلمين"، هو المستشار زكريا عبد العزيز، الذي كان رئيساً لنادي قضاة مصر وأحد رموز تيار الاستقلال القضائي.
وسبق أن أحيل عبد العزيز في مارس/آذار الماضي إلى مجلس تأديب القضاة بقرار من قاضي التحقيق، بتهمة الإساءة للقضاء المصري والظهور الإعلامي مخالفاً قرارات المجلس الأعلى للقضاء، إلا أن مجلس التأديب برّأ عبد العزيز من هذه التهم وأوقف الدعوى التأديبية.

ويُعتبر الحكم ضد سيدات جماعة "الإخوان" هو الأول الذي يصدر من أحد القضاة الذين طالما عُرفوا باستقلالهم وانتمائهم لمعسكر القوى الوطنية، فضلاً عن وقوفه مراراً في مواجهة تيار القضاء المؤيد للدولة العميقة في النظام المصري الذي يمثله رئيس نادي القضاة الحالي، أحمد الزند.
كما كان عبد العزيز أحد المرشحين بقوة لتولي منصب النائب العام قبل وبعد الإطاحة بالنائب العام السابق عبد المجيد محمود، بموجب الإعلان الدستوري الصادر عن الرئيس المعزول محمد مرسي، في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2012.
وأوضحت المصادر أن القضية الخاصة بالسيدات الثلاث أحيلت إلى عبد العزيز باعتباره رئيساً لدائرة 26 جنايات القاهرة، وهي أحدث الدوائر المنشأة في المحكمة منذ عامين فقط، إذ وجهت النيابة خمس تهم للسيدات وأربعة أشخاص آخرين، من بينهم شخص واحد تم القبض عليه وثلاثة في حكم الهاربين.
وشملت قائمة الاتهامات: حيازة أسلحة وذخائر من دون ترخيص، وخرق حظر التجول، واستخدام الأسلحة لاستعراض القوة، وترويع المواطنين ومحاولة تخريب منشآت الدولة، وأخيراً التحريض والشروع في ارتكاب أعمال عنف.
وأضافت المصادر أن المحكمة، بعد نظرها القضية واستجوابها المتهمين والضابط الذي وقّع محضر ضبط الواقعة، تبينت عدم ثبوت الاتهامات الثلاثة الأخيرة واستناد النيابة فيها على تحريات الأمن الوطني فقط.
لكن المحكمة نسبت إلى المتهمين تهمتين، هما حيازة الأسلحة وخرق حظر التجول، إذ تم ضبط السيدات الثلاث خلال تواجدهن في المقعد الخلفي لسيارة بعد بدء ساعات حظر التجول، وضبط المتهم الرابع معهم في المقعد الأمامي، وكان مصاباً بإطلاق نار.
وخلال الاستماع للشهادات، أكد الضابط أنه عثر على مدفع رشاش قصير بحوزة إحدى السيدات، وعلى ستة مخازن طلقات بحوزة السيدتين الأخريين، وأنهن أخفين هذه المضبوطات في حقائب اليد.
وعن مدى تناسب هذه الجريمة مع العقوبة الموقّعة على المتهمين، قالت المصادر إن "المحكمة استندت إلى المرسوم بالقانون رقم ستة لسنة 2012، الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتعديل قانون الأسلحة والذخائر، والذي نص في المادة 26 على توقيع عقوبة السجن المشدد أو المؤبد وغرامة 20 ألف جنيه لكل من حاز أسلحة من ضمنها الأسلحة الرشاشة من دون ترخيص، وتحظّر المادة ذاتها على المحاكم تخفيض العقوبة عدا حالات معينة لا تنطبق على قضية السيدات الثلاث".
وأشارت المصادر إلى أن المحكمة لم توقع عقوبة إضافية بالنسبة لجريمة خرق حظر التجول، لأنها استخدمت أشد عقوبة في جريمة حيازة السلاح، ولكن كان بإمكانها توقيع عقوبة السجن المشدد لفترة أقل من 25 عاماً.