مجلات أمريكية: واشنطن تسير «على خيط رفيع» في أزمة «عزل مرسي»


سيطرت حالة من الضبابية والتردد والتخبط على موقف واشنطن من تطورات المشهد السياسى فى مصر، منذ عزل الرئيس السابق، محمد مرسى، فلا تزال إدارة الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، مختلفة حول اعتبار ما حدث فى مصر «انقلابًا عسكريًا» أم لا، الأمر الذى وصفته إحدى المجلات الأمريكية بأن أوباما كمن «يسير على خيط رفيع».

وتكمن أهمية توصيف عزل مرسى لاعتبارات قانونية، إذ يلزم القانون الأمريكى بوقف المساعدات العسكرية للدول التى تشهد انقلابات، ما أدى إلى إعلان البيت الأبيض أن الإدارة ستأخذ وقتها لتحديد إن كان عزل الجيش لمرسى يعد انقلاباً أم لا، بينما تجنب أوباما استخدام وصف «انقلاب عسكرى»، مفضلاً وصف الوضع على أنه «تدخل من الجيش».

ووضعت التطورات الأخيرة فى الشارع المصرى الإدارة الأمريكية فى مأزق شديد الصعوبة، وفقاً لعدد من المجلات الأمريكية، ما أدى إلى ظهور موقفها ضبابياً، وبصورة اللا موقف، والذى فسره الشارع المصرى بأن واشنطن تدعم بقاء مرسى و«الإخوان» فى السلطة، الأمر الذى ظهر جلياً فى اللافتات والشعارات التى رفعها المتظاهرون والمنددة بالموقف الأمريكى، وربما أساءت إدارة أوباما فى الحكم على المزاج الشعبى حينما قالت سفيرتها فى القاهرة، آن باترسون، قبيل 30 يونيو إن «مرسى ليس مبارك، واحتجاجات الشوارع ليست الوسيلة لتحقيق التغيير»، ما فسره كثيرون فى مصر على أنه تأييد صريح للإخوان.

ويرى أرون ديفيد ميلر، الذى عمل خبيرا لشؤون الشرق الأوسط مع 6 من وزراء الخارجية الأمريكيين السابقين، أنه «بدلاً من التصرف مبكراً، وبحسم، مع انتهاكات الإخوان للديمقراطية، بعثت واشنطن رسالة ملتبسة للغاية، مفادها أنها تدعم وتساند بصورة أساسية حكومة مرسى، الأمر الذى قوَض مصداقيتها». وبعدما فؤجئت الإدارة الأمريكية بحجم معارضى الرئيس المعزول فى ميادين مصر المختلفة، إبان 30 يونيو، اضطرت لتغيير نبرتها، مرسلة إشارات ضمنية لحكومته بضرورة إشراك المعارضة، قائلة إن «الديمقراطية تتطلب حلولا وسطا»، ومع تزايد أعداد المتظاهرين، المطالبين برحيل مرسى ومنح الفريق أول عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع، الحكومة، مهلة 48 ساعة لتسوية الأمر مع المعارضة، أرسل أوباما إشارة ذات معنى، حينما قال، رداً على سؤال ما إذا كان لايزال يثق فى مرسى: «التزامنا مع مصر يتعلق بعملية وليس بأشخاص بعينهم»، وشدد على أن «الديمقراطية ليست انتخابات فقط، بل الاجتماع مع المعارضة والأقليات».

وبعد تدخل الجيش للإطاحة بمرسى أصبح أمام أوباما خيارات صعبة، فكان بمقدوره أن يشجب ما حدث بوصفه انقلاباً ضد الرئيس المنتخب ديمقراطياً، وأن يوقف المساعدات لمصر أو أن يرحب بالخطوة بوصفها استجابة للإرادة الشعبية، والاستياء من الحكومة التى يهيمن عليها الإخوان، لكنه اختار حلاً وسطاً، وحث على عودة سريعة للحكم المدنى، وأمر بمراجعة المعونة الأمريكية لمصر.

وانتقد العديد من الخبراء التضارب والتناقض داخل دوائر صنع القرار الأمريكى نفسه، فقد ظهر جلياً أن للإدارة، والكونجرس رؤية مختلفة فى تحليل الأحداث فى مصر، وتأثيرها على مصلحة الولايات المتحدة، فخرجت تصريحاتهما متضاربة، ومتناقضة أحياناً، ففى حين رأت الخارجية الأمريكية أن الشعب المصرى «قال كلمته»، وأن «واشنطن تتعامل الآن مع الحكومة الانتقالية»، أعلن «البنتاجون» عن تسليم جزء آخر من صفقة المقاتلات «إف-16» لمصر، فى أغسطس المقبل، كما كان مقرراً لها، الأمر الذى اعتبرته وسائل إعلام أمريكية عديدة بمثابة «قبول ضمنى» لعزل مرسى، شهد الكونجرس مناقشات عديدة حول توصيف ما حدث.

وظهر فريقان فى الكونجرس، الأول يترأسه السيناتور جون ماكين، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، وهو يطالب بوقف المساعدات العسكرية لمصر، و«عدم مساندة الانقلاب العسكرى»، ويطالب بأن تشترط واشنطن لاستئناف المعونة لمصر انتقال السلطة إلى حكومة مدنية، وفريق ثانٍ يترأسه السيناتور روبرت مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، حيث طالب بالتلويح بتعليق المعونة العسكرية لدفع الجيش إلى دعم عملية الانتقال إلى حكم مدنى.

ويرى أستاذ الاتصالات السياسية بجامعة جورج ميسون الأمريكية، ترايفور ثرال، أن واشنطن لم تحسم أمرها بشكل نهائى بشأن الوضع الجديد فى مصر، إلا أنه يؤكد استمرار دعمها الحكم الديمقراطى، موضحاً أنها تتحرك لدعم الرجوع إلى المسار الصحيح والحكم المدنى سريعاً. أما المسؤول السابق المختص بشؤون الشرق الأوسط بوزارة الدفاع، مايكل روبن، فقد شبه إدارة أوباما بـ«لاعب القمار» الذى لا يريد أن يضع رهاناته إلا بعد أن يكون قد اطلع على كل الأوراق على الطاولة، مما سيدفع إلى معاداة واشنطن بشكل أكبر فى المستقبل.

ويجمع مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون على أن إدارة أوباما لا ترغب فى إيقاف المساعدات العسكرية لمصر والتى تبلغ نحو 1.3 مليار دولار، لتتفادى استعداء الجيش المصرى، ولا ترغب فى إثارة القلاقل فى مصر ذات الأهمية الاستراتيجية الخاصة، نظراً لمعاهدة السلام مع إسرائيل، وسيطرتها على قناة السويس، التى تمثل أهمية كبرى بالنسبة للجيش الأمريكى، ولذا لجأت الإدارة إلى تأجيل القرار.

ويقول المستشار القانونى السابق بوزارة الخارجية الأمريكية، جون بلينجر، إن هناك احتمالين، وهما إما أن تخلص الإدارة إلى أن انقلاباً عسكرياً قد وقع، لكنها ستعمل مع الكونجرس لإقرار تشريع يمنع وقف المساعدات، وإما أن تسعى جاهدة لأن تخلص، بموافقة الكونجرس، إلى نتيجة مفادها أن ما حدث ليس انقلاباً كى لا تفرض إجراءات عقابية على البلاد.



ميديا واخبار العرب
زوروا موقعنا الجديد لكل الفيديوهات - رياضية سياسية دينية وثائقة

رجــاء اترك تعليقا عن رايك فيما قرأت او شاهدت Facebook Comments تعليقات الفيس بوك




0 comments

ضع تعليق

رجاء اترك تعليقك على ما قرأت

Copyright 2011 موقع الاخبار اخر خبر والاخبار العاجلة Designed by