قال برهان غليون، المفكر السورى، رئيس المجلس الوطنى السورى السابق، إن استقالته من المجلس الوطنى السورى جاءت احتجاجاً على ما بدر من المكتب التنفيذى والأمانة العامة للمجلس من روح تنافس وتنازع على الحصص والمواقع، وهى بمثابة رد فعل على التعطيل المقصود لعمل المجلس من قبل بعض الكتل التى أرادت السيطرة عليه وتقسيم الصف.
وأضاف «غليون» أن الشعب السورى وقع ضحية العجز العربى والتخاذل الدولى ومشاريع السيطرة والتوسع الإيرانية وإرادة الانتقام الروسية، فيما أكد أن التدخل الخارجى فى سوريا حادث بشكل واسع النطاق، مشيراً إلى أن الكتائب السلفية تحظى بتمويل وتسليح أفضل من قبل مؤيدين خواص فى دول الخليج وغيرها، وأضاف أن توسع قاعدة الملتحقين بجبهة النصرة لا علاقة له بتبنى أفكارها واعتقاداتها السياسية، فالشعب السورى لم يقُم بالثورة لاستبدال ديكتاتورية غليظة بديكتاتورية أخرى.
■ ما أسباب استقالتك من المجلس الوطنى السورى؟
كل استقالة هى احتجاج، واستقالتى كانت احتجاجاً على معظم الكتل السياسية فى المكتب التنفيذى والأمانة العامة بسبب ما بدر منها من روح التنافس والتنازع على الحصص والمواقع، بدلاً من التعاون على رد العدوان عن الشعب وتحقيق الإنجازات المطلوبة، وقد كانت بمثابة رد فعل على التعطيل المقصود لعمل المجلس من قبل بعض الكتل التى أرادت السيطرة على المجلس وتقسيم الصف.
■ إلى أى حد يمكن القول إن تأسيس المجلس الوطنى كان نتيجة توافق أمريكى- تركى- فرنسى- إخوانى؟
ولد المجلس الوطنى بعد مخاض كبير داخل صفوف المعارضة السورية التى لم تتوقف قبل ولادته عن عقد المؤتمرات لتشكيل إطار جامع لها، وكانت قد فشلت فى محاولات عديدة سابقة بسبب التسرع وعدم بذل الجهد لتأليف الأطراف وجمعها.
وقد نجحنا بجمعنا بين جميع الأطراف فى تكوين أول تكتل للمعارضة السورية يضم الداخل والخارج، لأن المنطلق كان وطنياً محضاً، ولم تكن هناك لا ضغوط خارجية ولا تدخلات جانبية من قبل أحد.
■ لماذا لم ينجح المجلس فى إيجاد مخرج وحل للأزمة السورية؟
المجلس ليس ساحراً وهو ليس اللاعب الوحيد فى الأزمة، وها هو مجلس الأمن والجامعة العربية وتجمع أصدقاء سوريا مجتمعين لم يحلوا الأزمة.
والسبب أن الصراع له أبعاد كثيرة والمصالح الإقليمية والدولية المتضاربة تدفع إلى المزيد من العنف وتحويل سوريا إلى مسرح للصراع على الهيمنة الإقليمية والعالمية، والسوريون الضحية.
■ هل تتوقع حدوث استجابة وتحقيق للتغيير الديمقراطى وتسوية تاريخية بين النظام والمعارضة السورية؟
أولاً التدخل الخارجى حادث بشكل واسع النطاق، وميليشيات إيران وحزب الله والعراق لا تخفى تدخلها فى الصراع والمشاركة فى الحرب.
وثانيا لا يمكن أن تكون هناك تسوية، وتسمى أكثر من ذلك تاريخية، بين جلاد فى حق شعبه ومسؤول عن دمار بلده وقتل مئات الألوف من شبابه والشعب الذى ذاق الأمرين من حكم طغمة جائرة ومرتدة.
وأهم العوامل الداعمة لبقاء النظام السورى وعدم حصول انشقاقات بصورة مؤثرة على قوته هو الدعم والتدخل الأجنبيان، وكما لم يكف المسؤولون الإيرانيون عن التصريح، لولا الدعم الإيرانى الاستراتيجى بكل الوسائل وفى جميع الميادين، بما فيها تعبئة الميليشيات الخاصة بها، وتدريب ميليشيات الأسد لسقط النظام والطغمة الحاكمة منذ زمن طويل.
■ ما أسباب انتقال الحراك الثورى إلى حراك مسلّح؟
نتيجة السياسات القمعية المتوحشة والبدائية التى جعلت من النظام السورى سلطة احتلال وجعلت من القتل المنظم مع سبق الإصرار والتصميم استراتيجية رئيسية لدفع الثوار إلى الخروج عن استراتيجيتهم السلمية والاضطرار إلى حمل السلاح، الذى كانت السلطة ترميه فى الشوارع قصداً، للدفاع عن أنفسهم ونسائهم وأطفالهم، وحمايتهم من الاغتصاب والقتل والتمثيل بالجثث.
■ هل المعارضة قادرة على إدارة البلاد حال سقوط النظام؟
ليس هناك لا فى سوريا ولا فى غيرها من بلدان الاستبداد إدارة جاهزة تنتظر سقوط النظام لتحل محله، هذا يحدث فقط فى النظم الديمقراطية التى تسمح بنشوء معارضات وترعى حقوقها، لأنها تعترف بحق تداول السلطة، أما فى النظم الديكتاتورية المنحطة فقتل البدائل وتجريم العمل الاحتجاجى بكل أشكاله وخنق الحريات وتكميم الأفواه لا يترك مجالاً لنشوء أى معارضة.
وفى سوريا لم تكن هناك معارضة ولكن شخصيات حرة بقيت فى واجهة المقاومة لعقود.
لكن الشعب السورى يتعلم بسرعة وكغيره من الشعوب سينتج الإدارة الديمقراطية البديلة عبر الصراع ومن خلاله. وانقسام ووجود لغة التخوين بين جميع قيادت المعارضة وعجزها عن إنتاج رؤية سياسية وطنية جامعة يأتى نتيجة لعدم وجود معارضة سابقة فى سوريا، وغياب تقاليد وثقافة سياسية ديمقراطية تعترف بالاختلاف وبالتنافس السلمى على السلطة وعلى كسب الرأى العام.
■ ما احتمالات سيناريو تدويل الأزمة وانعطافها إلى مسار التدخل العسكرى على الطريقة العراقية أو الليبية؟
الأزمة أصبحت دولية منذ الآن وكان وراء تدويلها النظام الذى رهن مصير الشعب السورى بأجندات الدول الإقليمية والدولية التى طلب مساعدتها والتحق بها لتحميه من غضب الشعب وثورته، وأخص بالذكر روسيا وإيران وأدواتها فى لبنان والعراق.
ويعرف الجميع الآن أن ميليشيات تابعة لإيران هى التى تقوم مع الخبراء والتقنيين والعدة والعتاد القادم من طهران بالدفاع عن النظام الذى فقد الكثير من قوته الذاتية.
حتى إن طهران لم تخف أنها تعتبر سوريا محافظة أهم من أى محافظة أخرى من محافظاتها، لأن مصير النظام الإيرانى نفسه يتوقف على صمود نظام الأسد الإجرامى وكسر إرادة تحرر الشعب السورى واستعباده.
وحزب الله مجند بالكامل اليوم وبأمر من السلطة الدينية الإيرانية إلى جانب النظام، وهو الذى يخوض المعركة الرئيسية على جبهة القصير غرب حمص، بالإضافة إلى مشاركته على جبهات أخرى.
■ ما أسباب بروز حركات عسكرية ذات طابع إسلامى مثل «جبهة النصرة» فى مواجهة قوات النظام على مدى الشهور الخالية؟
النظام هو الذى أطلق مئات السجناء من العناصر التى كان قد أرسلها للعراق مع الصحوات لتقويض الوضع العراقى الناجم عن الغزو الأمريكى، اعتقاداً منه فى ذلك الوقت أن نظامه هو الهدف الثانى بعد نظام صدام لسياسة الحرب الوقائية التى اتبعتها إدارة بوش، استباقاً لما يعرف اليوم بثورات الربيع العربى ومحاولة لقطع الطريق عليها.
ولايزال الخوف من الانفجارات الشعبية التى تهدد أسس السيطرة الغربية هو محرك رئيسى من محركات سياسة التمسك بالأمر الواقع ورفض التغيير. ويعرف جميع المحللين أن للقاعدة صلات قوية بنظام دمشق والنظام الإيرانى، وأنهما يستخدمانها كما استخدما العديد من التيارات الجهادية كأوراق فى لعبة الصراعات الإقليمية والدولية.
لكن مسؤولية المجتمع الدولى لا تقل عن ذلك فى تطور هذه التيارات، فتقاعسه وخذله للثورة والثوار دفع بهم نحو البحث عن المساعدة أينما وجدت.
وكل المراقبين يعرفون اليوم أن نقص الإمدادات بالمال والسلاح لكتائب وجدت نفسها فى مواجهة يومية مع أعتى جيوش القمع والقتل والإبادة الجماعية، كان الحافز الأكبر لانتساب العديدين إلى الكتائب السلفية التى تحظى بتمويل وتسليح أفضل من قبل مؤيدين خواص فى دول الخليج وغيرها.
ولايزال حرمان المقاتلين السوريين الثوار من المعونة اللازمة للانتصار فى مقاومتهم الأسطورية لأشرس الديكتاتوريات الطائفية والعنصرية هو السبب الرئيسى لتوسع قاعدة الملتحقين بهذه الجبهة، مع العلم أن مثل هذا الالتحاق لا علاقة له بتبنى أفكارها واعتقاداتها السياسية، فالشعب السورى لم يقُم بالثورة لاستبدال ديكتاتورية غليظة بديكتاتورية أخرى ولكن للتخلص من كل أشكال الديكتاتورية وإعادة الحقوق للشعب، وفى مقدمتها اختيار قياداته بحرية وضمان حق الأفراد جميعاً فى التعبير عن رأيهم وخياراتهم السياسية.
■ وهل يسعى تنظيم الإخوان المسلمين فى سوريا إلى السلطة؟
كل التنظيمات السياسية تسعى للوصول إلى السلطة،وإلا لما أضاع أحد وقته فى السياسة والتنظيمات السياسية. وكل من يقول غير ذلك غير صادق.
وهذا ليس بالأمر السيئ بحد ذاته، فالنشاط السياسى هو الذى يؤمن الأطر اللازمة لقيادة الشعوب ويدربها على ممارسة المسؤوليات العمومية وخدمة المصالح الوطنية.
الطموح للسلطة ليس عيبا ولا خطأ. الخطأ يكمن فى تسخير السلطة والموقع السياسى لخدمة أهداف ومصالح خاصة فئوية أو شخصية أو عائلية، وفى التمسك بها بصورة لا شرعية، والتضحية بالمصالح الوطنية للبقاء فيها، كما يفعل النظام الأسدى اليوم، وفى ممارستها بصورة لا مسؤولة وهدر الموارد بسبب الفساد أو نقص الكفاءة والأهلية.
■ ما تقييمك للدور المصرى تجاه الأزمة السورية منذ بداية اندلاعها؟
للأسف لم تكن مصر فى وضع سياسى يمكنها من أن تلعب الدور الذى كنا ننتظره منها كظهير قوى للشعب السورى فى المحافل العربية والدولية، بل فى الضغط على جهابذة القتل والقمع والتخريب فى دمشق، فمصر كانت ولاتزال منشغلة عن الثورة السورية بصراعاتها الداخلية التى ولدتها الثورة المصرية أيضا، وهذا فى نظرى أمر طبيعى.
لكن السوريين شاهدوا بأم أعينهم حجم الدعم الكبير الذى قدمه الشعب المصرى فى هذه الظروف الحالكة للسوريين، فكانت أكبر مظاهرات التأييد للثورة السورية مصرية، واستوعبت مصر مئات آلاف السوريين النازحين والمهجرين وعاملتهم كما تعامل أبناءها، وهذا لا يمكن للشعب السورى أن ينسى ذلك.
زوروا موقعنا الجديد لكل الفيديوهات - رياضية سياسية دينية وثائقة
رجــاء اترك تعليقا عن رايك فيما قرأت او شاهدت
|
Follow @22xc |